responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 96
وَلِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ لِظُهُورِهَا/ فَلَمَّا كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ظَاهِرًا فَفِي آخِرِ الْأَمْرِ بَعْدَ سَرْدِ الدَّلَائِلِ يَكُونُ أَظْهَرَ، فَلَمْ يُمَيِّزْ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ مَا هُوَ مَدْلُولُهُ وَهُوَ قُدْرَتُهُ عَلَى الْإِعَادَةِ، وَقَالَ: ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ وَفِيهَا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: مَا وَجْهُ الْعَطْفِ يتم، وَبِمَ تَعَلُّقُ ثُمَّ؟ فَنَقُولُ مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ إِنَّهُ تَعَالَى إِذَا بَيَّنَ لَكُمْ كَمَالَ قُدْرَتِهِ بِهَذِهِ الْآيَاتِ بَعْدَ ذَلِكَ يُخْبِرُكُمْ وَيُعْلِمُكُمْ أَنَّهُ إِذَا قَالَ لِلْعِظَامِ الرَّمِيمَةِ اخْرُجُوا مِنَ الْأَجْدَاثِ يَخْرُجُونَ أَحْيَاءً.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُ الْقَائِلِ دَعَا فُلَانٌ فُلَانًا مِنَ الْجَبَلِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ مِنَ الْجَبَلِ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ يَا فُلَانُ اصْعَدْ إِلَى الْجَبَلِ، فَيُقَالُ دَعَاهُ مِنَ الْجَبَلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ يُدْعَى مِنَ الْجَبَلِ كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ يَا فُلَانُ انْزِلْ مِنَ الْجَبَلِ، فَيُقَالُ دَعَاهُ مِنَ الْجَبَلِ، وَلَا يَخْفَى عَلَى الْعَاقِلِ أَنَّ الدُّعَاءَ لَا يَكُونُ مِنَ الْأَرْضِ إِذَا كَانَ الدَّاعِي هُوَ اللَّهُ، فَالْمَدْعُوُّ يُدْعَى مِنَ الْأَرْضِ يَعْنِي أَنْتُمْ تَكُونُونَ فِي الْأَرْضِ فَيَدْعُوكُمْ مِنْهَا فَتَخْرُجُونَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: إِذا أَنْتُمْ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لِلْمُفَاجَأَةِ يَعْنِي يَكُونُ ذَلِكَ بِكُنْ فَيَكُونُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ هَاهُنَا إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ، وَقَالَ فِي خَلْقِ الْإِنْسَانِ أَوَّلًا: ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ [الروم: 20] فَنَقُولُ هُنَاكَ يَكُونُ خَلْقٌ وَتَقْدِيرٌ وَتَدْرِيجٌ وَتَرَاخٍ حَتَّى يَصِيرَ التُّرَابُ قَابِلًا لِلْحَيَاةِ فَيَنْفُخُ فِيهِ رُوحَهُ، فَإِذَا هُوَ بَشَرٌ، وَأَمَّا فِي الْإِعَادَةِ لَا يَكُونُ تَدْرِيجٌ وَتَرَاخٍ بَلْ يَكُونُ نِدَاءٌ وخروج، فلم يقل هاهنا ثم. ثم قال تعالى:

[سورة الروم (30) : الآيات 26 الى 27]
وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (26) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)
لَمَّا ذَكَرَ الْآيَاتِ وَكَانَ مَدْلُولُهَا الْقُدْرَةَ عَلَى الْحَشْرِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ الْآخَرُ، وَالْوَحْدَانِيَّةُ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ الْأَوَّلِ، أَشَارَ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ: وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَعْنِي لَا شَرِيكَ لَهُ أَصْلًا لِأَنَّ كُلَّ مَنْ فِي السموات وكل من في الأرض، ونفس السموات والأرض لَهُ وَمِلْكُهُ، فَكُلٌّ لَهُ مُنْقَادُونَ قَانِتُونَ، وَالشَّرِيكُ يَكُونُ مُنَازِعًا مُمَاثِلًا، فَلَا شَرِيكَ لَهُ أَصْلًا ثُمَّ ذَكَرَ الْمَدْلُولَ الْآخَرَ، فَقَالَ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ أَيْ فِي نَظَرِكُمُ الْإِعَادَةُ أَهْوَنُ مِنَ الْإِبْدَاءِ/ لِأَنَّ مَنْ يَفْعَلُ فِعْلًا أَوَّلًا يَصْعُبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِذَا فَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِثْلَهُ يَكُونُ أَهْوَنَ، وَقِيلَ الْمُرَادُ هُوَ هَيِّنٌ عَلَيْهِ كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَيْ كَبِيرٌ، وَقِيلَ الْمُرَادُ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ أَيِ الْإِعَادَةُ أهون على الخالق من الإبداء لِأَنَّ فِي الْبَدْءِ يَكُونُ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ لَحْمًا ثُمَّ عَظْمًا ثُمَّ يُخْلَقُ بَشَرًا ثُمَّ يَخْرُجُ طِفْلًا يَتَرَعْرَعُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَيَصْعُبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَأَمَّا فِي الْإِعَادَةِ فَيَخْرُجُ بَشَرًا سَوِيًّا بِكُنْ فَيَكُونُ أَهْوَنَ عَلَيْهِ، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَعَلَيْهِ نَتَكَلَّمُ فَنَقُولُ هُوَ أَهْوَنُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِأَنَّ فِي الْبَدْءِ خَلْقَ الْأَجْزَاءِ وَتَأْلِيفَهَا وَالْإِعَادَةُ تَأْلِيفٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَمْرَ الْوَاحِدَ أَهْوَنُ مِنْ أَمْرَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ فِيهِ صُعُوبَةٌ، وَلِنُبَيِّنَ هَذَا فَنَقُولُ الْهَيِّنُ هُوَ مَا لَا يَتْعَبُ فِيهِ الْفَاعِلُ، وَالْأَهْوَنُ مَا لَا يَتْعَبُ فِيهِ الْفَاعِلُ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى، فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ إِنَّ الرَّجُلَ الْقَوِيَّ لَا يَتْعَبُ من نقل شعيرة من مَوْضِعٍ وَسَلَّمَ السَّامِعُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا قَالَ فَكَوْنُهُ لَا يَتْعَبُ مِنْ نَقْلِ خَرْدَلَةٍ يَكُونُ ذَلِكَ كَلَامًا مَعْقُولًا مُبْقِي عَلَى حَقِيقَتِهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أَيْ قَوْلُنَا هُوَ أهون عليه

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست